تشارك السلطنة الاحتفال باليوم العالمي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، والذي أقرته الجمعية العامة الأمم المتحدة للاحتفال به في تاريخ 7 سبتمبر من كل عام، وذلك لما توليه السلطنة من اهتمام كبير بحماية البيئة والحفاظ على صحة الإنسان والحياة الفطرية والحفاظ على المفردات البيئية ومكوناتها الحيوية والفيزيائية كالهواء والمياه والتربة والبحار.
وجاء تخصيص هذا اليوم لما يمثله تلوث الهواء من خطر بيئي كبير على الصحة البشرية، وهو أحد أهم الأسباب التي يمكن تجنبها للوفيات والأمراض على الصعيد العالمي، حيث يقدر بأن يتعرض حوالي ستة ملايين ونصف إنسان للوفاة المبكرة في جميع أنحاء العالم بسبب تلوث الهواء داخل المباني وخارجها.
وتأتي مشاركة السلطنة دول العالم للاحتفال بهذا اليوم لأهمية الوقوف على هذه المشكلة العالمية وإيجاد حلول لها على المستوى المحلي، ومشاركة دول العالم للتجارب التي تقوم بها السلطنة للحفظ على نقاوة الهواء.
وقد بدأت السلطنة ومنذ وقت مبكر في اتخاذ القوانين والإجراءات لضمان جودة الهواء وحماية البيئة من التلوث، حيث قامت بإصدار القوانين واللوائح البيئية الخاصة بحماية الهواء من التلوث، بحيث تسهم في حماية ومكافحة والتحكم ومتابعة التلوث بأنواعها، ويعتبر المرسوم السلطاني رقم (114/2004) الخاص بحماية البيئة ومكافحة التلوث هو القانون الرئيس في هذا المجال، فمواد المرسوم توضح النقاط العامة الواجب اتباعها للحد من التلوث البيئي في المراحل الأولى من التنمية وإقامة المشاريع بأنواعها والتي يرافقها تأثيرات سلبية على البيئة ومن بينها الملوثات الهوائية.
كما أن هيئة البيئة في تنسيق متواصل مع الجهات المعنية في عمليات التخطيط الأولية لاستخدامات الأراضي تسهم في حماية المجتمع من التعرض الى التأثيرات السلبية للمشاريع والأنشطة المستقبلية على صحة المجتمع، فتخصيص استخدامات الأراضي إلى مناطق صناعية وزراعية وفصلها، من شأنه تفادي وتقليل وصول الملوثات الهوائية إلى المناطق السكنية القائمة أو المستقبلية.
كما توضح المادة رقم (9) من المرسوم السلطاني وجوب التأكد من سلامة المشاريع من الناحية البيئية قبل إقامتها، ويتطلب من بعض الأنشطة والمشاريع تقديم دراسة لتقييم التأثيرات البيئية بتقييم المشاريع للتأكد من سلامتها بيئيا، وإصدار التصاريح البيئية ووضع الشروط التي تحد وتقلل من التلوث البيئي ومنها تلوث الهواء الى المستويات المعمول بها في االسلطنة، كما أن أعمال التفتيش والرقابة البيئية التي تقوم بها الهيئة تساهم في ضمان التزام المشاريع بالمتطلبات البيئية لمنع وتفادي التلوث بأشكاله.
وعلى مستوى اللوائح البيئية فقد قامت الهيئة بإصدار لائحة التحكم في ملوثات الهواء المنبعثة من مصادر ثابتة رقم (118/2004)، حيث تتضمن اللائحة مواد التعاريف والمصطلحات المتعلقة بتلوث الهواء والإجراءات والالتزامات الفنية للمشاريع كارتفاع المدخنة واستخدام الأساليب العلمية الحديثة للتحكم في الانبعاثات المصرفة إلى الهواء، كما تتضمن اللائحة على المستويات المسموح بها للملوثات المنبعثة من المصادر الثابتة.
ومن خلال الزيارات الميدانية التفتيشية التي يقوم بها المختصون بقسم رقابة تلوث الهواء والضوضاء، هناك متابعة مستمرة لمدى التزام المشاريع بالشروط البيئية الواردة في التصاريح والتراخيص البيئية، التي من شأنها تنظم تصريف الانبعاثات إلى الهواء، وتتضمن الزيارات الميدانية كذلك الوقوف على آخر مستجدات عمليات الإنتاج لمشاريع وبحث أسباب المشاكل والصعوبات الهندسية والبيئية التي تواجهها المشاريع، ثم يتم توجيهها نحول التوصل إلى الحلول المناسبة لمعالجة المشاكل والتجاوزات بما يضمن حماية الهواء من التلوث.
كما أن أعمال متابعة التقارير الدورية التي تقدمها المشاريع حول نتائج قراءات الرصد البيئي، والتي توضح مستويات الانبعاثات بشكل علمي ودقيق المطلوبة من الهيئة ،وتتم عملية الرصد بعدة طرق منها تركيب أجهزة ومعدات خاصة حساسة في مداخن وأماكن تصريف الانبعاثات، وتقوم بالرصد على مدار اليوم وبشكل متواصل على مدار الساعة، أو عن طريق أخذ عينات للانبعاثات، ثم بعد ذلك يتم إعداد التقارير الدورية التي تتضمن بيانات وقراءات الرصد حيث مقارنتها بالمستويات المعمول بها في اللوائح الخاصة بذلك وشرح الأسباب والحلول المقترحة حول ذلك.
وتعد مراقبة الهواء المحيط إحدى المهام الموكلة الى هيئة البيئة في السلطنة، وقد عطفت الهيئة بالاهتمام بهذا الجانب من خلال إصدار لائحة جودة الهواء المحيط (41/2017) وتم تركيب عدد من المحطات لمراقبة تلوث الهواء منذ في بعض محافظات ومدن السلطنة، كما يجري حاليا العمل على تركيب شبكات محطات رصد جودة الهواء لمختلف المناطق الصناعية بالسلطنة.
وعلى مستوى التعاون الدولي فقد انظمت السلطنة الى عدة معاهدات واتفاقيات دولية من شأنها تعزيز الشراكة مع دول العالم حول المساهمة في حماية البيئة ومكافحة التلوث، كما أن السلطنة شاركت في مؤتمرات دولية تتعلق بمشاكل التلوث البيئي الإقليمية كمشكلة العواصف الرملية في منطقة الشرق الأوسط، وورشة العمل الدولية حول الشرق الأوسط (الإقليمي)، ولقد أوضح هذين المؤتمرين أهمية تكاتف الدول الإقليمية في التصدي والتعامل مع مشكلة العواصف الترابية والغبار خاصة بعد زيادة حدتها في هذه المنطقة من العالم بسبب الأنشطة غير المستدامة على البيئة.
كما تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية ومنذ مصادقتها على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الاوزون وبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الاوزون من تحقيق متطلبات الامتثال بالبروتوكول المذكور وخفض كميات استخدام المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وذلك وفقا لجدول الخفض التدريجي المقر من قبل بروتوكول مونتريال وتشجيع استخدام التحول الى التقنيات والمواد الصديقة للأوزون.
الجدير بالذكر بأن السلطنة تنفذ حاليا وتخطط للعديد من محطات الطاقة المتجددة بهدف رفع مساهمتها في توفير الطاقة، مما سيسهم الى حد كبير في خفض مستويات تلوث الهواء والتحكم في معدل زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بالإضافة الى الخطط والجهود الرامية الى تعزيز الاقتصاد الأخضر والتوسع في استخدام التقنيات منخفضة الكربون.